قصة أمير واسط


روى أبي عباد قال: أدركت الخادم الذي كان يقوم على رأس الحجاج
فقلت له: أخبرني بأعجب شيء رأيته من الحجاج
قال: كان ابن أخيه أميراً على واسط، وكان بواسط امرأة يقال لها أبَّة، لم يكن بواسط في ذلك الوقت أجمل منها، فأرسل ابن أخيه إليها يراودها عن نفسها مع خادم له، فأبت عليه وقالت: إن أردتني فاخطبني إلى اخوتي، وكان لها أربعة اخوة فأبى، وقال: لا، إلا كذا، وعاودها فأبت، فراجعها وأرسل إليها بهدية فأخذتها وعزلتها
وأرسل إليها عشية الجمعة: إني آتيك الليلة، فقالت لأمها: إن الأمير بعث إليّ بكذا وكذا. فأنكرت أمُّها ذلك، وقالت أمها لاخوتها إن أختكم قد زعمت كيت وكيت: فأنكروا ذلك وكذبوها، فقالت إنه قد وعدني أن يأتيني الليلة، لترونه
قال: فقعد اخوتها في بيت حيال البيت الذي هي فيه، وجويريةٌ لها على باب الدار تنتظره، فجاء ونزل عن دابته وقال لغلامه: إذا أذن المؤذن في الغلس، فأتني بدابتي، ودخل والجارية أمامه، فوجد أبَّة على سرير مستلقيةً، فاستلقى إلى جانبها ثم وضع يده عليها، وقال: إلى كم ذا المطل؟ فقالت له: كف يدك يا فاسق، ودخل اخوتها عليه بأيديهم السيوف فقطَّعوه ثم لفوه في نطع وجاءوا به إلى سكة من سكك واسط فألقوه فيها، وجاء الغلام بالدابة فجعل يدُقُّ الباب دقّاً رفيقاً فلا يكلمه أحد، فلما خشي الضوء وأن تعرف الدابة انصرف، وأصبح الناس فإذا هم به على تلك الصفة، فأتوا به الحجاج فأخذ أهل تلك السكة
فقال أخبروني: ما قصته؟ قالوا: لا نعلم حاله، غير أنا وجدناه ملقىً
ففطن الحجاج فقال: عليّ بمن كان يخدمه، فأُتي بذلك الخصيّ الذي كان الرسول بينهما
فقالوا: هذا كان صاحب سره، فقال له الحجاج: اصدقني عن خبره وقصته، فأبى
فقال: إن صدقتني لم أضرب عنقك، وإن لم تصدقني فعلت بك وفعلت
قال: فأخبره الأمر على جهته، فأمر بالمرأة وأُمها واخوتها، فجيء بهم، وعُزلت المرأة عنهم. فسألها فأخبرته بمثل ما أخبر به الخصيّ، ثم سأل اخوتها، فأخبروه بمثل ذلك ولم يختلفوا، وقالوا: نحن صنعنا به الذي ترى، فأمر برقيقه ودوابه للمرأة، فقالت المرأة هديته عندي، فقال: بارك الله لك فيها، وكثَّر في النساء مثلك، وهي لك، وما ترك من شيء فهو لك، وقال: مثل هذا لا يدفن
فألقوه للكلاب، ودعا بالخصيّ فقال: أما أنت فقد قلت لك إني لا أضرب عنقك، وأمر بضرب وسطه، فقطع نصفين