الحيلة العجيبة للأعراب


تزوج شيخ من الأعراب جاريةً من رهطه ،
وطمع أن تلد له غلاماً فولدت له جارية ، فهجرها وهجر منزلها
وصار يأوي إلى غير بيتها ، فمر بخبائها بعد حول وإذا هي
تُرَقِّص بُنَيَّتَها منه وهي تقول :

ما لأبي حمزة لا يأتينـا يظل في البيت الذي يلينا

غضبان أن لا نلد البنينا تالله ما ذلك في أيدينــــا
وإنما نأخذ ما أعطينا

فلما سمع الشيخ الأبيات مَرَّ نحوهما حتى ولج عليهما الخباء
وقبل بُنيّتها وقال : ظلمتكما ورب الكعبة .

* * ***

أُحضر أعرابيّ سرقَ إلى عبد الملك بن مروان فأمر بقطع يده ، فأنشأ يقول :

يدي يا أميـر المؤمنيـن أُعيذهـابعفـوِكَ ان تلقـى مكانـاً يشينـهـا
ولا خيرَ في الدنيا وكانت حبيبةًإذا مـا شمالـي فارقتهـا يمينـهـا

فأبى إلا قطعه ، فقالت أُمه : يا أمير المؤمنين ، واحدي وكاسبي ،
قال : بئس الكاسب كان لك ، وهذا حد من حدود الله ،
قالت : يا أمير المؤمنين ، إجعله من بعض ذنوبك التي تستغفر الله منها ! فعفا عنه .

******

وقف أعرابيّ على أبي الأسود الدؤلي وهو يتغدى فسلم فرد عليه ثم أقبل
على الأكل ، ولم يعزم عليه . فقال له الأعرابيّ : أما اني قد مررت بأهلك
. قال كذلك كان طريقك . قال وإمرأتك حبلى . قال كذلك كان عهدي بها
. قال قد ولدت . قال كان لا بد لها أن تلد . قال ولدت غلامين
. قال كذلك كانت أمها . قال مات أحدهما . قال ما كانت تقوى على إرضاع أثنين
. قال ثم مات الآخر . قال ما كان ليبقى بعد موت أخيه .
قال وماتت الأُم : قال حزناً على ولديها . قال ما أطيب طعامك .
قال لأجل ذلك أكلته وحدي والله لا ذقته يا أعرابيّ .

* * ****


خرج أعرابيّ قد ولاه الحجاج بعض النواحي فأقام بها مدة طويلة ،
فلما كان في بعض الأيام ورد عليه أعرابيّ من حيه فقدم اليه الطعام .
وكان إذ ذاك جائعاً فسأله عن أهله وقال : ما حال ابني عمير ،
قال على ما تحب قد ملأ الارض والحي رجالاً ونساءً . قال فما فعلت أم عمير
قال صالحة أيضاً . قال فما حال الدار قال عامرة بأهلها قال وكلبنا ايقاع .
قال ملأ الحي نبحاً قال فما حال جملي زريق . قال على ما يسرك
. قال فالتفت إلى خادمه ، وقال ارفع الطعام فرفعه ، ولم يشبع الأعرابيّ ،
ثم أقبل عليه يسأله وقال : يا مبارك الناصية أعد عليّ ما ذكرت .
قال سل عما بدا لك قال فما حال كلبي ايقاع ، قال مات
قال وما الذي أماته قال اختنق بعظمة من عظام جملك زريق فمات .
قال : أومات جملي زريق . قال نعم . قال وما الذي أماته ؟
قال كثرة نقل الماء إلى قبر أم عمير ، قال أوماتت أم عمير قال ، نعم .
قال وما الذي أماتها قال كثرة بكائها على عمير . قال أومات عمير ؟ .
قال نعم . قال وما الذي أماته ؟ قال سقطت عليه الدار . قال أوسقطت الدار قال نعم .
قال فقام له بالعصا ضارباً فولى من بين يديه هارباً .