قصة عمربن الخطاب و نهر النيل

ذكر زوال السنة السيئة التي كانت في نيل مصر

قال ابن الجوزي :
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال‏:‏ أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري قال‏:‏ حدَّثنا عبد الرحمن بن عمير بن النحاس قال‏:‏ أخبرنا محمد بن حفص الحضرمي قال‏:‏ حدِّثنا حسن بن عرفة الأنصاري قال‏:‏ حدَثني هانىء بن المتوكل قال‏:‏ حدَّثنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج قال‏:‏ لما فتحت مصر أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم فقالوا له‏:‏ أيها الأمير إن لنيلنا هذا سُنَّة لا يجري إلا بها‏.‏

فقال لهم‏:‏ وما ذاك قالوا‏:‏ إذا دخلت ثنتا عشرة ليلة من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أباها وحملنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في النيل‏.‏

قال لهم‏:‏ إن هذا لا يكون في الإسلام إن الإسلام يهدم ما كان قبله‏.‏

فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجري قليلًا ولا كثيرًا حتى هموا بالجلاء عنها فلما رأى ذلك عمرو بن العاص كتب إلى عمر رضي اللّه عنه بذلك فكتب إليه عمر‏:‏ ‏"‏ إنك قد أصبت لأن الإسلام يهدم ما كان قبله ‏"‏ وكتب بطاقة داخل كتابه وكتب إلى عمرو‏:‏ ‏"‏ إني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة فإذا فيها‏:‏ ‏"‏ من عبد اللّه أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد‏:‏ فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجر وإن كان اللّه الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل اللّه الواحد القهار أن يجريك ‏"‏ فألقى البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج لأنه لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل‏.‏

فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم الصليب وقد أجراه اللّه ستة عشر ذراعًا في ليلة واحدة فقطع الله تلك السُّنَّة السوء عن أهل مصر إلى اليوم‏